قال المولى عز وجل في كتابه العزيز في سورة الإسراء ” وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) .
فبر الوالدين فرض على الإنسان مادام والديه على قيد الحياة وحتى بعد وفاتهما ، وبره في حياتهما هو رعايتهما بإخلاص دون أن نجرحهم أو نؤذيهم ولو بكلمة ” أف ” وهي مجرد كلمة صغيرة ولكنها قد تؤذيهم بشدة وخاصة إذا أصبحوا كبار في السن ، وبرهما بعد موتهما هو الدعاء لهما فالإنسان إذا مات انقطع عمله من الدنيا إلا دعاء الابن الصالح ، ومن بر الوالدين أيضًا ، الاهتمام بمن كانوا يحبون ، فزيارة إخوة الأب والأم من بر والديك .
ومن الأحاديث الشريفة التي نستدل بها على فضل بر الوالدين هو روي عن عبد الله بن عمر ،” أن الرسول عليه الصلاة والسلام جاءه رجل يستأذنه في الخروج للجهاد في سبيل الله ، فسأله الرسول ليه الصلاة والسلام ، أحي والدك ؟، فقال الرجل نعم ، فقال له عليه الصلاة والسلام ، فجاهد فيهما ” رواه بن ماجه .
عن عبد الله ابن مسعود – رضي الله عنه قال: سألت النبي – صلى الله عليه وسلم – أي العمل أحب إلى الله فقال – صلى الله عليه وسلم “الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله” .
وهذه الأحاديث تدلنا على فضل بر الوالدين الذي يعادل جهادًا في سبيل الله وهو من أعظم الأعمال في الإسلام ، وفي قصص السلف الصالح والأنبياء نجد الكثير من القصص الرائعة عن بر الوالدين ، منها على سبيل المثال قصة الذبيح سيدنا إسماعيل عليه السلام مع والده ، عندما أخبره والده سيدنا إبراهيم عليه السلام أنه رأى في المنام أنه يذبحه ، وكان إسماعيل يعرف أن رؤية والده النبي هي أمر من الله ، فاستجاب إسماعيل على الفور طاعة لربه وطاعة لأبيه – عليهما السلام .
ومن القصص الواقعية عن فضل بر الوالدين ، يحكي رجلًا من المملكة الأردنية أنه كان يعمل في أحد الشركات بمنصب مناسب ، وذات يوم استدعاه مديره وأخبره أنهم في الشركة قرروا الاستغناء عن بعض الموظفين لتقليل التكاليف ، وسوف يصرفون له مكافأة نهاية الخدمة 3200 دينار .
أخذ الرجل الأموال وعاد إلى منزله وهو يشعر بالحزن لأنه فقد عمله ، وعندما أخبر والده بما حدث ، قال له والده أنه يحتاج أموال مكافأته حتى يذهب ليحج بيت الله الحرام هو والدته ، في البداية شعر الرجل بالحيرة فهذه الأموال أصبحت كل ما يملك الآن .
فكر الرجل في نفسه أن والديه قد كبرا في السن وأنفقا كل أموالهما على تربيته وإخوته ، وقد لا يعيشان حتى تتحسن ظروفه ، إذن لا داعي لتأخير قرار الحج ، في اليوم التالي قرر الرجل إلى مكتب السياحة ويحجز لوالديه رحلة الحج التي يحلمان بها . وبعد أن حجز الرحلة لوالديه بعدة أيام وجد اتصال من شركته القديمة ، وقد أخبروه أن له مستحقات مالية ومكافآت يجب أن يأتي إليهم ليستلمها ، كان الرجل يتوقع أن المبلغ صغير، ولكنه عندما ذهب للشركة وجد أن مجموع مستحقاته تعادل 3200 دينار ، وهو نفس المبلغ الذي أعطاه لوالديه ، حمد الرجل الله كثيرًا لأنه وفقه إلى بر والديه وإسعادهما والحصول على هذا الثواب العظيم ، وفي نفس الوقت رزقه من حيث لا يحتسب .
Originally posted 2023-03-27 20:27:35.